يا منزل الآيات والفرقان | | بيني وبينك حرمة القرآن
|
إشرح به صدري لمعرفة الهدى | | واعصم به قلبي من الشيطان
|
يسر به أمري وأقض مآربي | | وأجر به جسدي من النيران
|
واحطط به وزري وأخلص نيتي | | واشدد به أزري وأصلح شاني
|
واكشف به ضري وحقق توبتي | | واربح به بيعي بلا خسراني
|
طهر به قلبي وصف سريرتي | | أجمل به ذكري واعل مكاني
|
واقطع به طمعي وشرف همتي | | كثر به ورعي واحي جناني
|
أسهر به ليلي وأظم جوارحي | | أسبل بفيض دموعها أجفاني
|
أمزجه يا رب بلحمي مع دمي | | واغسل به قلبي من الأضغاني
|
أنت الذي صورتني وخلقتني | | وهديتني لشرائع الإيمان
|
أنت الذي علمتني ورحمتني | | وجعلت صدري واعي القرآن
|
أنت الذي أطعمتني وسقيتني | | من غير كسب يد ولا دكان
|
وجبرتني وسترتني ونصرتني | | وغمرتني بالفضل والإحسان
|
أنت الذي آويتني وحبوتني | | وهديتني من حيرة الخذلان
|
وزرعت لي بين القلوب مودة | | والعطف منك برحمة وحنان
|
ونشرت لي في العالمين محاسنا | | وسترت عن أبصارهم عصياني
|
وجعلت ذكري في البرية شائعا | | حتى جعلت جميعهم إخواني
|
والله لو علموا قبيح سريرتي | | لأبى السلام علي من يلقاني
|
ولأعرضوا عني وملوا صحبتي | | ولبؤت بعد كرامة بهوان
|
لكن سترت معايبي ومثالبي | | وحلمت عن سقطي وعن طغياني
|
فلك المحامد والمدائح كلها | | بخواطري وجوارحي ولساني
|
ولقد مننت علي رب بأنعم | | مالي بشكر أقلهن يدان
|
فوحق حكمتك التي آتيتني | | حتى شددت بنورها برهاني
|
لئن اجتبتني من رضاك معونة | | حتى تقوي أيدها إيماني
|
لأسبحنك بكرة وعشية | | ولتخدمنك في الدجى أركاني
|
ولأذكرنك قائما أو قاعدا | | ولأشكرنك سائر الأحيان
|
ولأكتمن عن البرية خلتي | | ولاشكون إليك جهد زماني
|
ولأقصدنك في جميع حوائجي | | من دون قصد فلانة وفلان
|
ولأحسمن عن الأنام مطامعي | | بحسام يأس لم تشبه بناني
|
ولأجعلن رضاك أكبر همتي | | ولاضربن من الهوى شيطاني
|
ولأكسون عيوب نفسي بالتقى | | ولأقبضن عن الفجور عناني
|
ولأمنعن النفس عن شهواتها | | ولأجعلن الزهد من أعواني
|
ولأتلون حروف وحيك في الدجى | | ولأحرقن بنوره شيطاني
|
أنت الذي يا رب قلت حروفه | | ووصفته بالوعظ والتبيان
|
ونظمته ببلاغة أزلية | | تكييفها يخفى على الأذهان
|
وكتبت في اللوح الحفيظ حروفه | | من قبل خلق الخلق في أزمان
|
فالله ربي لم يزل متكلما | | حقا إذا ما شاء ذو إحسان
|
نادى بصوت حين كلم عبده | | موسى فأسمعه بلا كتمان
|
وكذا ينادي في القيامة ربنا | | جهرا فيسمع صوته الثقلان
|
أن يا عبادي أنصتوا لي واسمعوا | | قول الإله المالك الديان
|
هذا حديث نبينا عن ربه | | صدقا بلا كذب ولا بهتان
|
لسنا نشبه صوته بكلامنا | | إذ ليس يدرك وصفه بعيان
|
لا تحصر الأوهام مبلغ ذاته | | أبدا ولا يحويه قطر مكان
|
وهو المحيط بكل شيء علمه | | من غير إغفال ولا نسيان
|
من ذا يكيف ذاته وصفاته | | وهو القديم مكون الأكوان
|
سبحانه ملكا على العرش استوى | | وحوى جميع الملك والسلطان
|
وكلامه القرآن أنزل آيه | | وحيا على المبعوث من عدنان
|
صلى عليه الله خير صلاته | | ما لاح في فلكيهما القمران
|
هو جاء بالقرآن من عند الذي | | لا تعتريه نوائب الحدثان
|
تنزيل رب العالمين ووحيه | | بشهادة الأحبار والرهبان
|
وكلام ربي لا يجيء بمثله | | أحد ولو جمعت له الثقلان
|
وهو المصون من الأباطل كلها | | ومن الزيادة فيه والنقصان
|
من كان يزعم أن يباري نظمه | | ويراه مثل الشعر والهذيان
|
فليأت منه بسورة أو آية | | فإذا رأى النظمين يشتبهان
|
فلينفرد باسم الألوهية وليكن | | رب البرية وليقل سبحاني
|
فإذا تناقض نظمه فليلبسن | | ثوب النقيصة صاغرا بهوان
|
أو فليقر بأنه تنزيل من | | سماه في نص الكتاب مثاني
|
لا ريب فيه بأنه تنزيله | | وبداية التنزيل في رمضان
|
الله فصله وأحكم آيه | | وتلاه تنزيلا بلا ألحان
|
هو قوله وكلامه وخطابه | | بفصاحة وبلاغة وبيان
|
هو حكمه هو علمه هو نوره | | وصراطه الهادي إلى الرضوان
|
جمع العلوم دقيقها وجليلها | | فيه يصول العالم الرباني
|
قصص على خير البرية قصة | | ربي فأحسن أيما إحسان
|
وأبان فيه حلاله وحرامه | | ونهى عن الآثام والعصيان
|
من قال إن الله خالق قوله | | فقد استحل عبادة الأوثان
|
من قال فيه عبارة وحكاية | | فغدا يجرع من حميم آن
|
من قال إن حروفه مخلوقة | | فالعنه ثم اهجره كل أوان
|
لا تلق مبتدعا ولا متزندقا | | إلا بعبسة مالك الغضبان
|
والوقف في القرآن خبث باطل | | وخداع كل مذبذب حيران
|
قل غير مخلوق كلام إلهنا | | واعجل ولا تك في الإجابة واني
|
أهل الشريعة أيقنوا بنزوله | | والقائلون بخلقه شكلان
|
وتجنب اللفظين إن كليهما | | ومقال جهم عندنا سيان
|
يأيها السني خذ بوصيتي | | واخصص بذلك جملة الإخوان
|
واقبل وصية مشفق متودد | | واسمع بفهم حاضر يقظان
|
كن في أمورك كلها متوسطا | | عدلا بلا نقص ولا رجحان
|
واعلم بأن الله رب واحد | | متنزه عن ثالث أو ثان
|
الأول المبدي بغير بداية | | والآخر المفني وليس بفان
|
وكلامه صفة له وجلالة | | منه بلا أمد ولا حدثان
|
ركن الديانة أن تصدق بالقضا | | لا خير في بيت بلا أركان
|
الله قد علم السعادة والشقا | | وهما ومنزلتاهما ضدان
|
لا يملك العبد الضعيف لنفسه | | رشدا ولا يقدر على خذلان
|
سبحان من يجري الأمور بحكمة | | في الخلق بالأرزاق والحرمان
|
نفذت مشيئته بسابق علمه | | في خلقه عدلا بلا عدوان
|
والكل في أم الكتاب مسطر | | من غير إغفال ولا نقصان
|
فاقصد هديت ولا تكن متغاليا | | إن القدور تفور بالغليان
|
دن بالشريعة والكتاب كليهما | | فكلاهما للدين واسطتان
|
وكذا الشريعة والكتاب كلاهما | | بجميع ما تأتيه محتفظان
|
ولكل عبد حافظان لكل ما | | يقع الجزاء عليه مخلوقان
|
أمرا بكتب كلامه وفعاله | | وهما لأمر الله مؤتمران
|
والله صدق وعده ووعيده | | مما يعاين شخصه العينان
|
والله أكبر أن تحد صفاته | | أو أن يقاس بجملة الأعيان
|
وحياتنا في القبر بعد مماتنا | | حقا ويسألنا به الملكان
|
والقبر صح نعيمه وعذابه | | وكلاهما للناس مدخران
|
والبعث بعد الموت وعد صادق | | بإعادة الأرواح في الأبدان
|
وصراطنا حق وحوض نبينا | | صدق له عدد النجوم أواني
|
يسقى بها السني أعذب شربة | | ويذاد كل مخالف فتان
|
وكذلك الأعمال يومئذ ترى | | موضوعة في كفة الميزان
|
والكتب يومئذ تطاير في الورى | | بشمائل الأيدي وبالأيمان
|
والله يومئذ يجيء لعرضنا | | مع أنه في كل وقت داني
|
والأشعري يقول يأتي أمره | | ويعيب وصف الله بالإتيان
|
والله في القرآن أخبر أنه | | يأتي بغير تنقل وتدان
|
وعليه عرض الخلق يوم معادهم | | للحكم كي يتناصف الخصمان
|
والله يومئذ نراه كما نرى | | قمرا بدا للست بعد ثمان
|
يوم القيامة لو علمت بهوله | | لفررت من أهل ومن أوطان
|
يوم تشققت السماء لهوله | | وتشيب فيه مفارق الولدان
|
يوم عبوس قمطرير شره | | في الخلق منتشر عظيم الشان
|
والجنة العليا ونار جهنم | | داران للخصمين دائمتان
|
يوم يجيء المتقون لربهم | | وفدا على نجب من العقيان
|
ويجيء فيه المجرمون إلى لظى | | يتلمظون تلمظ العطشان
|
ودخول بعض المسلمين جهنما | | بكبائر الآثام والطغيان
|
والله يرحمهم بصحة عقدهم | | ويبدلوا من خوفهم بأمان
|
وشفيعهم عند الخروج محمد | | وطهورهم في شاطئ الحيوان
|
حتى إذا طهروا هنالك أدخلوا | | جنات عدن وهي خير جنان
|
فالله يجمعنا وإياهم بها | | من غير تعذيب وغير هوان
|
وإذا دعيت إلى أداء فريضة | | فانشط ولا تك في الإجابة واني
|
قم بالصلاة الخمس واعرف قدرها | | فلهن عند الله أعظم شان
|
لا تمنعن زكاة مالك ظالما | | فصلاتنا وزكاتنا أختان
|
والوتر بعد الفرض آكد سنة | | والجمعة الزهراء والعيدان
|
مع كل بر صلها أو فاجر | | ما لم يكن في دينه بمشان
|
وصيامنا رمضان فرض واجب | | وقيامنا المسنون في رمضان
|
صلى النبي به ثلاثا رغبة | | وروى الجماعة أنها ثنتان
|
إن التراوح راحة في ليله | | ونشاط كل عويجز كسلان
|
والله ما جعل التراوح منكرا | | إلا المجوس وشيعة الصلبان
|
والحج مفترض عليك وشرطه | | أمن الطريق وصحة الأبدان
|
كبر هديت على الجنائز أربعا | | واسأل لها بالعفو والغفران
|
إن الصلاة على الجنائز عندنا | | فرض الكفاية لا على الأعيان
|
إن الأهلة للأنام مواقت | | وبها يقوم حساب كل زمان
|
لا تفطرن ولا تصم حتى يرى | | شخص الهلال من الورى إثنان
|
متثبتان على الذي يريانه | | حران في نقليهما ثقتان
|
لا تقصدن ليوم شك عامدا | | فتصومه وتقول من رمضان
|